بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة السلام على رسول الله سيدنا محمد
وعلى آله و صحبه أجمعين و التابعين له بإحسان إلى يوم الدين

سيدي الرئيس،
معالي الوزير الأول،
معالي السيدات والسادة الوزراء،
زميلاتي، زملائي أعضاء المجلس الشعبي الوطني الموقر،
الحضور الكريم،
أعضاء أسرة الإعلام،

السلام عليكم جميعا ورحمة الله تعالى وبركاته

بادئ ذي بدء، لا يَسَعُنِي إلاَّ أن أقدم أحرَّ التهاني وأصدَقَها لفخامة الرئيس المجاهد السيد عبد العزيز بوتفليقة، على استمرار وتجديد ثقة الشعب به، متمنيا له باسمي وباسم مواطنين ولاية غرداية، دوام الصحة والعافية والتوفيق والنجاح.
كما أهنّئ معاليَ الوزير الأول السيد عبد المالك سلال وأعضاءَ حكومتِه على الثقة التي وضعها فيهم فخامةُ الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، متمنيا لهم التوفيق والسداد لإنجاز برنامج فخامته وتحقيقه في الميدان.
إن برامج التنمية المنتظرة، تتطلب ظروفا إيجابيةً من حيث الأمن والأمان، والاستقرار الاجتماعي، والعدالة في ضوابط تسيير دواليب الإدارة، وتوفير فرص مساهمة الكفاءات المركزية والمحلية والمجتمع المدني.

ففي الوقت الذي تنعم فيه ربوع جزائرنا الحبيبة بالاستقرار والطمأنينة، وخاصة بعدما أكّد الشعب الجزائري رُشْدَهُ وتَشَـبّـُثَه الوثيق بالوئام المدني، لازال آلاف المواطنين من أطفال ونساءوعجزة في ولاية غرداية، يَئِنُّون في صمت إثر تهجيرهم عُنْوَةً من ديارهم ومُمتلكاتِهم فازعين من صدْمةِ هجومات القتلة والمجرمين واللصوص والمخرّبين وحملة الفكر التكفيري والإرهابي، لسبب واحد هو أن أولائك الضحايا مواطنون صالحون وأناس مسالمون وبناة حضارة صنعت مجد الجزائر لقرون، وأنهم وقفوا بالمرصاد لمخطط فصل الصحراء عن الشمال قبل الاستقلال ولأخلاقهم المشهودة لم تَسْمَحْ لهم يوما بالتعدِّي على جيرانهم أو من يُعاشرُونهُم أيْنَمَا حَلُّوا أو ارْتَحَلُوا.

وفي الوقت الذي تشهد الحركة التنموية والتجارية نشاطا متزايدا عبر كامل ربوع الوطن، تعرف ولاية غرداية شللا مُطْبَقًا إثر حملات السرقةوالتخريب والحرْق لأزيدَ من 400 متجر وورشة ومحلِّ خدمات، همجيةٌ لا يُصدِّقُها العقل، سرقةٌوخسائرُ تُعَدُّ بعشرات ملايير الدنانير؛ سرقةٌ وتخريبٌ وحرقٌ مُمَنْهجٌ دام خمسةأشهر، لم يُسْتَرجَعْ لحد الساعة، من السلع والبضائع والتجهيزات أية نسبة تذكر.

والأدْهى والأمرُّ، أن حال أغلب التجار الناشطين إلى تاريخ اليوم، كحال السكان المهجَّرين، ويُعَدُّون بما يقرب ألف عائلة، لم يتمكنوا من الرجوع إلى مساكنهم ولا إلى ممتلكاتهم ونشاطهم واسترزاقهم، وهي نفس وضعيةِ الفلاحين، حيث لا يزال المجرمون يعيثون فسادا وحرقا للنخيل والأشجار وتدميرا لتجهيزات الري خلال خمسةأشهر، والفلاحون ممنوعون إلى اللحظة من العودة إلى مزارعهم.

إن مستوى التخريبِ وحجمَ الخسائرِ وهولَ الأضرارِ المعنويّةِ والحضاريةِ، تجعل بلديات غرداية، بنورة، القرارة وبريان، حتمًا مناطق منكوبة، تستوجب على السلطات المركزية الإعلان بذلك.
وحال السكان عموما في إحباط يائس، وخاصة أن مئات المجرمين والسُّرَّاق والمخرِّبين، لا يزالون يجولون رغم فضحِهم والتعرُّفِ على جُلِّهم بالصورة والصوت.

ومما يزيد المواطن إحباطا، التخريب المعنوي الممنهج للمعالم الحضارية وعبر المنظومة التربوية، حيث يمُنع المئات من التلاميذ والطلبة من الالتحاق بمؤسساتهم بعد التعَدِّيَات اللفظية والجسَدية وسقوط ضحايا أبرياء.كما يرفض كثير من المعلمين والأساتذة في عدد من المؤسسات التعليمية القيام بواجباتهم المهنية معلنين صراحة "لا ندرّس أبناء الإباضيين فهم أعداء الله".

والأدهى من ذلك، محاولات انتزاع وإسقاط اللافتة التي تحمل اسم شاعر الثورة المظفرة مفدي زكريا من مدخل الثانوية التي سميت باسمه، فضلا عن تحطيم وتهشيم لافتة الشهيد تريشين ابراهيم من واجهة المستشفىرشقا بالحجارة. وهو تصرف أقل ما نقول عنه أنه طعن صارخ في مقدسات الثورة وتاريخ الأمة ورموز الوطن المفدى، ولا أحد يتحرك أو يشجب أو يندد وذلك أضعف الايمان.
ومما لا يصدِّقه العقل ولا تُجيزُه أيَّةُ شريعة سماوية أو وضعية، تهديدُ المرضى ومرافقِيهم في مدخل المستشفى الوحيد، وتسجيلُ حوادثَ وضحايا العنفِ اللفظي والتعدي إلى يومنا هذاومازال الوضع قائما في هذا الحال.

ألهذا الحد تهان كرامة الإنسان في غرداية؟
ولم تَسْلَمْ من هذه الظاهرة، الكثيرُمن الإدارات والمؤسساتالتي يُرفْرف العلم الوطني على بناياتها، حيثُ يقع موظَّفُون يوميًّا ضحايا الاستفزاز اللفظي، والإجراءات التعسَّفية، والمضايقات والتهديد بالطرد.

والكثير منكم يتساءل إلى متى؟
إن المواطنين المُسالِمين يَئِنُّون في صمتٍ، وهم الذين دفعوا ثمنَمخلَّفاتِ الصدمة الأولى والأخيرة لِمَا يُسَمَّى بالربيع العربي ولايزالون، وقد دفعوا العديد من الشهداء الأبرياء أمام بيوتهم دفاعا عن أبنائهم ونسائهم وقربانا لجزائر آمنة مستقرة، أسماؤهم لا بد أن تُضاف إلى قائمة ضحايا الإرهاب كيف لا وقدِ اسْتُهْدِفَ أمنُ الجزائر من قِبَلِ محترفي الإرهاب.
يضاف إلى قائمة الشهداء عشرات الجرحى و المصابين جسديا و نفسيا و بخطورة متفاوتة ينتظرون تكفلا عاجلا و حقيقيا من طرف المصالح المختصة، لعل ذلك يحد من درجة تذمر أهاليهم و الهوان الذي طال الأبرياء في وطنهم.

وبالمناسبة نهيبُ بكل الجزائريين الغيُورين وبتعاطفِهِم مع الضحايا المُسالمين وذلك بإيفادِهِم لنُخَبٍ من العلماء والأئمة والإطارات، قصْدَ تَقَصِّي الحقائق والمُسَاهَمَةِ النبيلة في إصْلاحِ ذات البين. فإننا نناشدهم اليوم أن يُدْلُوا بشَهاداتِهم و يُصَرِّحُوا عن الأسباب التي تمنعُهم من مُواصلةِ مساعيهم الخيِّرة؛ ففي ذلك جوهرُ الحقائق، فإنْ يئِس الخيِّرون والكفاءات في مساعيهم، فذلك مُؤَشِّرٌ خطيرٌ ووضعيةٌ يفزع منها القاصي والداني، وهنا لابد أن ترجع المسؤولية كاملة إلى أصحابها في دواليب السلطة.

سيدي الرئيس، سيدي الوزير الأول،سيداتي وسادتي أعضاءَ الحكومة، لا زلنا متمسِّكين بواجبات وحقوق المواطنة في الأمن والسلام والحفاظ على الأرواح والممتلكات آملين في تحقيقٍ قريبٍ للعهود والوعود التي آمَنَ بها ويَتَرقَّبُها مواطنو ولاية غرداية.

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته